فاطمة خير
تبدو الفكرة مجنونة للبعض، حتى أن بعضاً من زملائى الرجال هاجمونى بكثير من الدهشة ، متسائلين : وهل لا نحتاج نحن إلى التدريب؟! .

عن نفسى استقبلت غضبهم بضحكاتٍ من القلب ، ذلك أننى لم أنتبه أصلاً إلى أن الفكرة قد تغضب أحداً، فعندما فكرت فيها ، كنت أستهدف الوسيلة المثلى لمساعدة الإعلاميات للاستمرار فى الحياة، دون التخلى عن أحلامهن المهنية ولا الشخصية ، ولم أتعمد أبداً التفرقة بين الرجال والنساء، لا ينفى ذلك انحيازاتى الواضحة للمرأة فى كل المجالات ، لكننى وبكل صدق أردت طريقاً يؤدى إلى نتائج تشبه تلك التى أحلم بها لنفسى ، وضعت كل مخاوفى أمامى، وكل العقبات التى وقفت فى طريقى ولا تزال ، وأدركت جيداً أن أياً منها لا يخصنى وحدى ، ذلك أن الهم مشترك بين النساء ، والصعوبات متشابهة أمام بنات المهنة الواحدة ، وأنه من الصعب جداً أن تستمر امرأة فى العمل الإعلامى بفروعه ،دون القفز فوق حواجز كثيرة لا نهاية لها ، وأنه وعلى عكس المتوقع ، فإن التوسع فى الانتاج الإعلامى بأنواعه ،والتطور التكنولوجى الذى ترك أثره على أدوات وطبيعة المهنة ، كل ذلك قد يمثل عقبةً حقيقية أمام استمرار النساء فيها ! نعم هكذا وبكل وضوح.

حماية الإعلاميات من خطر الانقراض، هو ما تهدف إليه شبكة نساء من أجل الإعلام Women for media network ، فبدراسة متأنية وعميقة للواقع، أعتقد أن العدد الكبير من الفتيات اللاتى التحقن بالعمل فى الصحافة والإعلام خلال السنوات الماضية ، حيث يرجع السبب إلى زيادة عدد الصحف والمواقع الإليكترونية والمحطات التليفزيونية ، وما واكب ذلك من زيادة فى عدد كليات وأقسام الإعلام الجامعية ، كل هذا العدد لا يمتلك أدوات الاستمرار ، ووجوده بالضرورة لا يعنى أبداً القدرة على الاستمرار الفعلى كمهنيات،أو الأدبى بالحصول على مناصب فى المؤسسات الإعلامية ؛ لذلك جاء ميلاد الشبكة مناسباً للغاية فى هذا التوقيت ، فقد حان الوقت لتبادل الخبرات بين الجيل القديم من الصحفيات والإعلاميات ، وجيل الوسط منهن ،وجيل الشابات ، التواصل هو مكمن السر هنا.

كذلك فإن النساء لسن فى أولوية قوائم الترشيح للتدريب والتعيين والترقى بالنسبة لمؤسساتهن، ومع تزايد ضغوط الحياة بسبب الالتزامات الأسرية ، يكون من الصعب جداً على الإعلامية الاستمرار والمنافسة ، حتى أنها قد تصحو فى يوم لتسأل نفسها : ماذا أفعل هنا؟ ، لذا فإن الدور الذى ستلعبه الشبكة مهم للغاية، فكل تدريباتها وأنشطتها موجهة للنساء، لمنحهن أدوات الاستمرار فى المهنة ، وتطوير مهاراتهن بشكل مستمر بما يتناسب مع متطلبات السوق ، بل ويدعم ثقتهن بأنفسهن،وإيمانهن بأحلامهن .
شبكة نساء من أجل الإعلام، هى الطريق لصوت إعلامى يؤمن بقضايا المرأة ، ويقدمها بالصورة التى تليق بها ، وهى الوسيلة لإعلام يتعامل مع المرأة بأعتبارها أولوية لا إعلام تسيطر عليه نزعات ذكورية مطلقة.