سمر إبراهيم: عمري 24 ومسيرتى 5 سنوات ..عمل المرأة ثورة

10402885_412348552240608_3378566832900227994_n

سمر إبراهيم

مع شروق خيوط فجر يوم 23 أغسطس، أتم عامي الرابع والعشرين، والجميع يندهشون من صغر سنى برغم الذى وصلت إليه، ومع حلول يوم “عيد ميلاى” أكون قد أتممت أيضًا عامى الخامس في مهنة صاحبة الجلالة منذ شهرين بالضبط.

وأنا أكتب سطور هذا المقال، أتذكر اليوم الأول الذى بدأت فيه مزاولة مهنة الصحافة، وأنا فتاة صغيرة لم أكمل 18 عامًا، كيف كنت تائهة في زحام شوارع القاهرة وأنا أبحث عن عنوان الجريدة التى بدأت التدريب فيها.

كنت على خلاف حاد مع والدى الذى كان يعارض فكرة امتهان الصحافة، حرصًا على من مخاطرها والسمعة التى تلاحق بعض الزملاء على اعتبار انهم انتهازيون وغيره، أو إنها “مهنة البحث عن المتاعب”، ولكن لم يكن يعلم أبى أن هذا السبب كان بمثابة “الساحر” الذى استطاع أن يثير خيالى  ويقذف بى في دنيا مليئة بالأحداث المتتالية والنجاح والبريق.

استطعت في خلال فترة قصيرة إثبات أننى أستحق الفرصة الذي منحها لى أبى، ومنحتها لى الأيام، وتركت تلك الجريدة ، ثم اتجهت إلى كتابة عروض بمجلتى “السياسة الدولية” و “الديموقراطية” الصادرتين عن الأهرام، وكانت تجربة مهمة لى، ثم إلى جريدة “الدستور”، ولكن الاعتراض لا يزال قائماً والخطر لايزال موجوداً، والأب لا يزال فكره مشغولاً على ابنته الوحيدة من مستقبل غامض.

ولكن أعتقد أن أبى تبدلت أحواله وشعر أنه أنجب فتاة “بـ 100 رجل” كما يقال، عندما شاهدنى في أحد البرامج التلفزيونية أتحدث عن المغامرة الصحفية التى خضتها لكشف “رشاوى انتخابات مجلس شعب عام 2010” قبيل قيام ثورة يناير بشهر واحد، وكيف أننى تصديت لسماسرة الحزب الوطنى وقتها دون خوف من نظام حاكم أو رئيس ظالم.

ولكن بالرغم من المحاولات العديدة لإثبات ذاتى واسمى الصحفى، كان هناك معوقات عديدة محيطة بى، فأنا فتاة أنتمى إلى إحدى المناطق الشعبية التى لا تعرف معنى “كيان المرأة أو مستقبلها”، فكان الحديث عن الزواج مبكرًا ومستمرًا، وعن أوقات العمل الرسمية التى أتخطاها، فكنت محظوظة بأم ذكية وصبورة ولديها عزيمة تزرعها فى نفسى كل يوم، وتزيدنى إصراراً للتغلب على تلك العادات والتقاليد، فكانت ولاتزال بارك الله لى فى عمرها، تساعدنى فى ترتيب أفكار عملى، ولا تبخل على بالنصح والإرشاد، وتغمرنى بحنان لا أطمع فى أكثر منه.

مرت السنوات وتعددت تجاربى المهنية، إلى أن أصبحت مسئول صفحة أسبوعية فى جريدة “البوابة”، أدافع فيها عن قضايا المرأة وحقوقها الشخصية، ذلك بالرغم من سنى الصغير، وأسعى لتطويرها حتى تصبح من أهم الصفحات المهتمة بشئون المرأة.

لا أستطيع إنكار إننى أحلم بكارنيه نقابة الصحفيين، ولكنه ليس الهدف الأخير فى مستقبلى فأنا اعتبره بداية انطلاق نحوتحقيق الأهداف، والخطط المستقبلية لا أنتهى أبداً عن إعدادها.

اتذكر أيضًا أثناء ارتباطى العاطفى بأحد الأشخاص، كيف كان يكره مهنتى كـ”صحفية”، ويرى إنها وظيفة لا تليق بفتاة بل هى وظيفة الرجال، وكنت على خلاف دائم معه، لرفضى محاولات التقليل منى ومن مهنتى، حتى افترقنا.

خضت معارك كثيرة مع المجتمع المحيط سواء فى حياتى الشخصية أو المهنية، لأستطيع أن أثبت كيانى وشخصيتى، بدون الالتفات لأننى فتاة أو إننى كائن أقل من الرجل، أحارب من أجل المساواة مع زملائى الرجال، فهم ليسوا أفضل منى كونى أنثى، فالمرأة ليست عورة كما يردد بعض المتطرفين، ولكن المرأة “ثورة” في تكوينها وكيانها وصوتها وحريتها وكل تفصيله  فيها.

*سمر إبراهيم: صحفية مصرية تعمل حالياً فى جريدة البوابة

 

 

 

This entry was posted in نساء, نصائح, إعلام, تحديات, شبكة نساء من أجل الإعلام, صحفيات and tagged , , , , , , , . Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s