آلاء علي زكي:إلى كل الذين نعاملهم بالقطّارة خوفاً .. سلاماً طيباً ووردة

 

10806390_10204827621841867_1150410254693018815_n

آلاء علي زكي

 

1)
ثمة أغاني تغمره بحنين لأي عين شعر نحوها بشئ ولو عين قطة. نعم، ستطول جلسته، حيث آلة إلكترونية يمر أمامها الوقت ببطء، ويستمر في النظر تجاهها غير مكترث بالوقت، موسيقى هادئة صباحا، أو صاخبة ليلا؛ لاستمرار إحساسه بأنه لايزال حيا، حياة يقضيها دون أن يشعر بهذا الشغف بسبب نظرة صادقة يريدها، لمسة يد لا تُنسى،  نسيم يمر إثر عبورها جواره.. يردد: “وآخرها.. زيها زي غيرها”.
2)
يزور أعين كثيرة، ولم يكن ضيف مرغوب فيه، فانسابت كلمات من فمه لتهوّن على نفسه، ونظر تجاه أعين أخرى وكان لكل عين عنوان، وحدة، تعقيد، تكبر، غموض، لاترضى بقليلها، متمردة، آتت هنا عن طريق الخطأ، تغير، لاتتحدث مع زوجتي، حبيبتي، صديقتي، سيسيئون فهمك.
تستوقفه عين تتفحصه، لايجد لها عنوان، ولكن جملة طويلة مفعمة بالإعتراض “نعم، لست ملك لأحد، ولا أريد أن أملك أحد.. فقط قليل من الإهتمام يكفي”. يعلم أن الحب أمنية تصدأ، وتذبل، وتموت، وإن استمرت قد تبقى مثل الوردة ذابلة ذات رائحة رطبة.. يقولون: “المكتوب ع الجبين لازم تشوفه العين”.
3)
الوقت يهشم كل شئ، وإن طال، وتظل هفواته مستمرة، والمسافات مقدسة، محرمة، لا يريد إقحامه بحياة آخرون لايعبئون به، مع كل شمعة تطفأ، وكل تهنئة كاذبة بمرور عام مضى، هناك ثمة أمل أن شغف ما سيزيد بوجودها، مع كل فرحة تغمره بزواج صديق أو صديقة، تجمع آسري، أو حتى في مرضه، يتمنى فقط أن تلمس يده ليطمئن. لازال تائها وسط زحمة السوق، طفل تركته أمه فضل الطريق، تتحلل فى لحظة .. يغني: “ضحكت تاني نفس الضحكة وراحت ماشية”.
4)
الحاسة السابعة، مرضه الدائم، يشعر بشغف يجري من وإلى من يعرفهم، ينظر إلى نظرات صديقين يعلم أن الشغف سيكون زائر خفيف لهم لفترة، يبتسم، ويتمنى لهم شغف خفيف مستمر، يتمنى لو أن كل المسافات تحطم من أجل أن تبقى أبتسامتهما أطول وقت ممكن، ولكن يبقا الحائل كيف سيقحم نفسه عليهما الآن! وتبقى كرة الشغف تقفذ بسرعة شديدة من وإلى أشخاص حوله يحبهم ويحبونه، ويظل هو  الكلب الحيران يتمنى لو يأتي عليه الدور، ويصل للكرة، حتما سيصل.. يستكمل: “حاجة مش معقولة”.
5)
اللوم على النصيب، أو تربية خاطئة، لامبالة الطرف الأخر، أصدقاء لايقدرون شعوره، وقدر وضعه على حلبة مصارعه يصارع كل هؤلاء، يسقط على الأرض ويجد بديل خارج الحلبة لايستطيع أن يلمس يده ليستكمل بدلا منه، يستمر في الصراع، يقع، ويقف، ويستمر دون جدوى، لا يقترب لبديله ولا الموت زائره.. تردد:”بشتاقلك لابقدر شوفك ولابقدر أحكيك”
6)
تهوّن عليه فلسفته، يعرف أن الخوف ليس فقط  آلا يجد من يبادله الشعور، فمرحلة مقابلة الوحش الحقيقية هو استمرار كوكتيل: الشغف، والحب، والحرية التي من الصعب أن يتنازل عنها إلا لشخص بعينه، يتنازل راضيا، بملئ إرادته، ليس جبرا أو اضطرارا باسم أي شئ، يستمر التفاعل كما الهيدروجين والأكسجين، تفاعل الأخضر، والأزرق أمام ناظريه، حيث البحر والخضرة والوجه الحسن، وإن أجزم الجميع أن هذا الوجه ليس حسنا، ولكن ثمة شعره توافق بينهما، ثمة إستمرارية وتفاعل يضمن عبور مرحلة الوحش بسلام لمقابلة الأمير للأميرة.. قالت:”الحب آتب، الصداقة سند، الحب والصداقة الدنيا ومافيها”.

 

7)
الموت تجربة رغم انتهاءها بموت احدهم تظل تجربة، مريرة كانت او غير ذلك، في الحب والموت نصاب بهذه الشيزوفرينيا القاتلة، سعادة لمن جاور حبيبه، وحزن الفراق، وداع، لحظات لن تتكرر، ابتسامة لن تعود تطمسها صورة يحتضنها برواز فضي يصدأ بفعل الزمن. الاختيار تجربة أخرى، قاتلة هى حرية الاختيار عندما تختار حياة هادئة ظاهريا، اختيارك أنت، أن ترسم ابتسامة هادئة اعتدت عليها ليس بقصد النفاق، او انعكاسا لسعادتك الداخلية او تيمنا بما سيحدث لك، لا شئ. مجرد ابتسامة لا تدري معناها، اختيار لا تستطيع طمس معالمه. مناقشة تنتهي بابتسامة، رغم قوتها، ضعيفة محطمة، مليئة بقطرات مياة مالحة اعتدت تذوقها في الصغر، وتخيلت ان مزاقها سيتغير بفعل الزمن، لن تسقط من عينك يوما ماء ورد، مالحة هى لتطهر العين، ويظل القلب هشيم.

8)
لكل الذين نتظاهر امامهم بأنهم غير موجودين خوفا من حبهم، غير مناسبين خوفا من البعد، نتظاهر بعدم الاهتمام إلى أن يجد من يهتم بهم، فنعتصر نحن فلا نجد من يشعر بنا، فقط نحن من يتحطم، الخوف مرة إخرى، الحدود، المسافات، سم يسري بين البشر لا علاج له، حتى الدعاء لم يعد يجدي.
السفر داخل غرفتك، منزلك، شارعك، مكانك. اختيارك أيضا، أن تجد في مكان ما حياة  افتراضية أفضل من واقعك، ستجد من يحبك، من يمنع بيده فيضان عينيك، ستجد الجنة إلى ان تُطرد منها،  يطير أمامك رائحة مسافرين أخرين، يسافرون كثيرا وانت مطارهم الوحيد،  ويصبح السفر واقع،  نذهب بعيدا وهم ابعد..
تعود حقائبنا مبعثرة، تلقى على الارض، وينفرط منها  شعورنا بالخوف،  فالبكاء، وتعود ريما مرة أخرى  وتخاف، وتبكي، وتعود.

 

آلاء علي زكي *

زميلة شبكة نساء من أجل الإعلام ،سيناريست ،وصحفية شبكات تواصل اجتماعي

This entry was posted in Uncategorized, كتابة, نساء, نصائح, إبداع, إعلام, تحديات, تدريب, سيناريو, شبكة نساء من أجل الإعلام, صحفيات, طالبات. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s