أميرة يحيى تكتب..أسرار عائلية جداً

 

14958322_10154792711968291_1399410363_n

أميرة يحيى

كان من المقرر قبل البدء في كتابة هذا المقال أن يكون الموضوع مختلف تمامًا، قمُت بطقوسي الخاصة التي أفعلها عادة ً قبل كتابة أي شيء، أسكتُ العصافير المفترسة التي كادت أن تلتهم حشايا معدتي، قمت بمحاولة بائسة أخرى في صنع فنجان من القهوة الفرنساوي ولكن كالعادة باءت بالفشل المحبب إلى النفس وتقمصت دور سمير غانم في مسرحية المتزوجون قائلة – هاشربها يا لينا يعني هاشربها-أخرجت حاسبي المحمول وشرعت في كتابة مقال وردي اللون يحمل طابع متفاءل مبالغ فيه إلا أن القدر لم يرض عن هذا الوضع المفتعل.

رن هاتفي المحمول وفاجئني صوتها الذي يحمل رغبة حقيقية في البكاء ودار الحوار هكذا:

ولية أمر رقم 1: ألو مس أميرة

أنا: أيوة

ولية أمر رقم 1: معلش يا مس، أبو الولاد مش راضي ينزلني من البيت وعشان كدة مش هنقدر نيجي حصة الدرس بتاعت النهاردة

أنا: لساني حالي يقول – بركة يا جامع – خير ، في حاجة؟

ولية أمر رقم 1: أصل أنا جيتلك من يومين برضو وهو قالي ماينفعش كل يوم تنطيط برة البيت بحجة الدرس.

أنا: حصل خير، قدر الله وما شاء فعل.

وعلى الرغم من أنني كنت أحاول منذ أمس أن أنسي الحوار الذي دار بيني وبين السيدة الأخرى التي أتت مساء أمس هي وأولادها الثلاثة عندما أخبروها أن هناك مدرسة لغة إنجليزية يمكنها أن تعاونها في حمل العبء الثقيل التي تحمله وحيدة ولكن هيهات لا رغبات تتحقق في هذا الزمان.

فتحت الباب وإذ بامرأة وثلاثة أولاد.

ولية الأمر رقم 2: لو سمحتي، مس أميرة موجودة؟

أنا: أيوة،أنا، اتفضلي

ولية الأمر رقم 2: أنا فلانة وجايلك عشان تدي لأولادي درس

أنا: طيب تمام

أخذتنا المناقشة عما يدرسه أولادها إلى أنني سألتها: انتي خريجة ايه؟

ولية الأمر رقم 2: معايا دبلوم تجارة وأبويا مارضيش يخليني أكمل تعليم في أي معهد

أنا: تمام

ولية الأمر رقم 2: بصي يا مس، من الأخر أنا حمارة

أنا: نعم

ولية الأمر رقم 2: أها حمارة بس أنا مش عايزة عيالي يبقوا حمير زيي عشان كدة جيت لك.

أنا: لا ما تقوليش كدة

ولية الأمر رقم 2: بصي انا عيشت حياتي كلها كدة، أبويا علمني بالعافية ودلوقتي مدارس عيالي أنا واقفة بسببها قصاد العيلة كلها، هما شايفين أن المدارس الخاصة مالهاش لازمة وفلوس على الفاضي، أقولك من الأخر أنا بدي دروس لعيالي من ورا حماتي وعمة الولاد….

هناك من يمكنه أن يعتبر هاتين المكالمتين رسائل ربانية وأخر يمكنه أن يرى السيدتين قامتا بفعل خاطئ عندما أطلعت مدرسة الأولاد على أسرار عائلية كهذه، لكنني أعتبرهما قطرة من نهر قصص مأساوية تعانيها السيدات يوميًا، راودني سؤال واحد لماذا السيدات فقط هن من يتحملن عبء دراسة أبنائهن؟ لماذا لا يجري الرجل أيضا بحثاً عن مُدرسة للأولاد أو لمقابلة أحد المدرسين لسؤاله عن مستوى أولاده في الدراسة بنفس القلق الذي أراه واضحًا في عيون الأمهات.

يمكنني أن أسرد مئات القصص التي تعرضت إليها خلال مسيرتي القصيرة عن أمهات تتعرض للضرب فقط لأن أولادهن حصلوا على درجات منخفضة في الامتحانات إلا أنها تمر أمام أعيننا مرور الكرام بحجة أن -الرجالة مالهاش خلق لمذاكرة العيال-على حد تعبير أحداهن.

على الرغم من أن التبرير الوحيد المقنع لهذه المسألة أن الحياة مشاركة وإن كانت الستات حقاً هي المسئولة عن تعليم الأولاد فعلى الرجل أن يعاونها لا أن يضع لها العقبات ويحاسبها في نهاية المطاف على نتائج الأولاد.

أميرة يحيى*

زميلة شبكة نساء من أجل الإعلام،شاعرة ومترجمة

This entry was posted in Uncategorized, كتابة, نساء, نصائح, إبداع, إعلام, تحديات, تدريب, شبكة نساء من أجل الإعلام, صحفيات and tagged , , , , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s