أميرة يحيى
بعد مرور عديد من الأشهر دون عمل صحافي، ومحاولات مستميتة لوأد الحلم نظرا لصعوبة تحقيقه إلا أن القدر قرر أن يكافئني بوظيفة جديدة ، فرحت كثيراً ولكنني تمسكت بعدم الكتابة وأكتفيت بكوني مترجمة فقط ،مجرد ناقل لآراء الآخرين فأنا لست في حل من نقل أخبار خاطئة أو أفكار موجهة ، لذلك أحرص دائماً على أن تكون عهدة المكتوب على الكاتب ليس عليّ، العمل الجديد يتيح لي أكثر من فرصة ورئيسي في العمل متفهم اختلاف آرائنا ، وبالفعل أوكل لي الكثير من المهام البعيدة كل البعد عن السياسة، استمع لأرائي التي يمكن وصفها بأنها نسوية إلى حد كبير.
ولكن بعد مقابلتي مع صاحب العمل، هنا ظهرت المشكلة الحقيقية ، فتوجهي السياسي بعيد كل البعد عن السياسة التحريرية للعمل الجديد، دارت بيني وبين صاحب العمل مناقشة طويلة حول ماهية الأحداث التي حدثت في السنتين الماضيتين واتضح الفرق الشائع بين آرائنا، أعرف جيداً أن المشتغلين بالعمل الصحافي لابد أن يتحلوا بالحيادية ، ولكن كيف أكون محايدة في مجتمع منقسم بالفعل، جزء يبرر فقط من أجل التبرير وجزء يعارض من أجل المعارضة.
حاولت مراراً وتكراراً أن أنحي توجهي السياسي جانباً وأعمل من أجل تحقيق الحلم ولكن لم تساندني الظروف، أتذكر أنني عانيت الاكتئاب فترة بسبب كثرة الأحداث الدموية التي أنقلها يومياً ، فأنا أكره الدم ومرتكبيه، ولكن طبيعة عملي تجبرني أن اتابع الأحداث في مصر وخارجها والعالم أجمع يعاني أحداثاً دموية كل يوم.
انتهت المناقشة بينى وصاحب العملبأنني لازلت صغيرة في السن، لا أستطيع النظر فيما وراء الأحداث، وأنني فقط سأقوم بعملي كمترجمة حتى لا تتعارض وجهتي نظرنا وتنتهي الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.
كل ما أخشاه أن اضطر يوماً ما لنقل ما لا أقتنع به، أعرف انني حينها سأعاني أزمة نفسية كبيرة ، لن أستطيع تحمل أن يؤثر قلمي على إحداهما أو أكون شريكاً في طمس الحقائق ، أدعو الله أن يعينني على التزام الحيادية ونقل ما يجب نقله، وان يبعدني عن أخبار نهر السياسة الهادر الذي يمكنه أن يغرق كل من يقف أمامه.